التأسيس: تأسس دير القديس ثيودوسيوس عام 465 ميلاديًا على يد القديس ثيودوسيوس، أحد أبرز آباء الرهبنة في فلسطين. يقع الدير في قرية العبيدية قرب بيت لحم، ويضم ضريح القديس حيث توفي عن عمر ناهز 105 أعوام.
نبذة عن الكنيسة وسبب التسمية: سُمي الدير باسم القديس ثيودوسيوس (رئيس الأديار)، ومعنى اسمه “عطية الله”. يتمتع الدير بمكانة دينية وتاريخية بارزة، نظرًا لدوره في انتشار الحياة الرهبانية في فلسطين، واحتضانه رفات العديد من القديسين.
ولد القديس ثيودوسيوس في كبادوكية (تركيا الحالية) لأبوين تقيين، وكان شغوفًا برؤية الأراضي المقدسة. بعد لقائه القديس سمعان، توجه إلى القدس وطلب الرهبنة، ليصبح لاحقًا أحد أهم الآباء الذين أسسوا الحياة الرهبانية في فلسطين. أرشده الله إلى القديس لونجينوس، حيث أقام معه لفترة طويلة قرب برج داود، متتلمذًا على يديه في الطاعة والنسك. ثم انتقل إلى دير خاثيسما على طريق بيت لحم، قبل أن يستقر في مغارة على قمة الجبل، حيث عاش سنواته الأخيرة في الصلاة والتعبد. انضم إليه العديد من الرهبان حتى بلغ عددهم نحو 700 راهب بين القرنين الخامس والسابع الميلادي، وهي الفترة التي شهدت ازدهار الدير كمركز للحياة الرهبانية في فلسطين.
ظل القديس ثيودوسيوس رمزًا للنقاء الروحي والتقوى حتى وفاته، ولا يزال إرثه حاضرًا في الدير الذي يحمل اسمه، شاهداً على تاريخه المقدس ومكانته الروحية العميقة.
الأحداث التاريخية: شهد الدير العديد من الأحداث عبر العصور، حيث بُنيت كنيسة والدة الإله بين عامي 529-543 على يد البطريرك صفرونيوس، لكنها دُمرت خلال الفتوحات الفارسية في القرن السابع. في العهد البيزنطي اسُتخدمَ المكان أيضًا كمقبرة للرهبان ورجال الدين، كما ضم مدرسة لاهوتية تخرج منها العديد من رجال الكنيسة. في العهد الصليبي أُعيدَ بناء الدير لكنه تعرض للتخريب مجددًا ليصبح ملاذًا للبدو من قبيلة “ابن عبيد”، وهذا سبب تسميته المحلية بدير ابن عبيد. في عام 1881، اشترت الكنيسة أطلاله، وفي عام 1952 تم تدشين البناء الحالي، ليعود كموقع ديني بارز يستقبل الزوار من مختلف أنحاء العالم.
التصميم المعماري: يتميز الدير بتصميمه المعماري الفريد، حيث يبدو كقلعة شامخة على قمة تلة، محاطة بأسوار تحمي تراثه الديني والتاريخي. يضم أربع كنائس، بالإضافة إلى مغارة يُعتقد أن المجوس الثلاثة لجأوا إليها عند فرارهم من الملك هيرودس بعد زيارتهم الطفل يسوع في بيت لحم.
يحتوي الدير أيضًا على رفات القديس ثيودوسيوس، ووالدته، ووالدة القديس سابا، إلى جانب رفات العديد من الآباء القديسين. كما كان يضم في الماضي مشاغل، إسطبلات، وأراضي زراعية، إلا أن هذه المرافق لم تدم طويلًا بسبب الهجمات التي تعرض لها عبر التاريخ.
يفتح الدير أبوابه يوميًا للزوار من الساعة 8:00 صباحًا حتى 3:00 بعد الظهر، حيث يأتي إليه المؤمنون للصلاة والتأمل في تاريخه العريق.
تحتفل الكنيسة الارثوكيسة بعيد القديس ثيودوسيوس في 11 كانون الثاني من كل عام