ببالغ الأسى والحزن، تلقّينا نبأ رحيل قداسة الحبر الأعظم البابا فرنسيس، ذلك الرسول الذي سيخلده التاريخ رمزًا للضمير الإنساني الحي، وقائدًا روحيًا نذر حياته للدفاع عن الكرامة الإنسانية ونصرة الشعوب المستضعفة، وفي مقدمتها شعبنا الفلسطيني.
لقد كرّس الراحل الكبير حياته في خدمة العدالة والسلام، وكان صوتًا صادقًا ومدويًا في وجه الظلم والاضطهاد، ومدافعًا شجاعًا عن كرامة الإنسان أينما وُجد.
تتقدم اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين ممثلة برئيسها عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية دكتور رمزي خوري، من بطريرك اللاتين في القدس غبطة الكاردينال بيير باتيستا بيتسابالا، وحارس الأراضي المقدسة الاب فرانشيسكو باتون، ومن الكنيسة الكاثوليكية جمعاء، بأحرّ التعازي القلبية، سائلين الرب أن يمنحكم العزاء والصبر، وأن يتغمّد قداسته بواسع رحمته، ويمنحه الحياة الأبدية في ملكوته السماوي.
لقد كانت لقداسته مواقف مشرّفة ستبقى خالدة في وجدان أبناء شعبنا الفلسطيني، إذ لم يتردد يومًا في رفع صوته دفاعًا عن حقوقهم المشروعة، وعدالة قضيتهم، وعن القدس الشريف كمدينة سلام مفتوحة لجميع المؤمنين. وكانت كلماته الصادقة ومبادراته النبيلة مصدر إلهام ودعم لنا، نحن الفلسطينيين، حيث كان نصيرًا حقيقيًا لقضيتنا، وموقفه دائمًا إلى جانب الحق والعدالة.
وقد برز هذا الموقف الإنساني الشجاع بشكل جليّ خلال حرب الابادة على قطاع غزة، حين عبّر في كل مناسبة عن رفضه المطلق للتهجير القسري، وقتل الأبرياء، واستهداف المدنيين، مناشدًا المجتمع الدولي لوقف العدوان فورًا، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية دون إبطاء، والعمل على إيجاد حلّ عادل وسلمي يُنهي المعاناة ويُعيد الأمل لشعبٍ طال انتظاره للحرية.
إننا إذ نودّع اليوم هذا الصوت النبيل، نشعر بأننا فقدنا أخًا في الإيمان، ورفيقًا في النضال من أجل العدالة، ورمزًا نادرًا للسلام القائم على الحقيقة لا على موازين القوى.
رحم الله قداسة البابا فرنسيس، وألهمكم وغبطتكم وجميع المؤمنين حول العالم الصبر والثبات.
الرب أعطى، الرب أخذ، فليكن اسم الرب مباركًا.